الاثنين، 23 نوفمبر 2009

عن ترشيح البرادعي ...و حبل جحا

الانتخابات الرئاسية:...و مازالت عقدة المخلص مستمرة

في مفاجأة لم تكن متوقعة ألقى الرئيس المنتهية ولايته للوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي حجرة في المياه الراكدة في الحياة السياسية المصرية بتصريحه- الذي نقلته رويترز- في مقابلة بثتها شبكة السي ان ان الأمريكية أنه لا يستبعد خوض الانتخابات الرئاسية في مصر بشرط وجود ضمانات اساسية على ان الانتخابات المقررة في 2011 ستجرى بصورة سليمة قبل ان يوافق على خوضها.لم يكن التصريح اكثر من إشارة إلا أن الأمر لم يحتج أكثر من ذلك ليكون سببا في نقاش و جدال لا زال مستمرا حتى الآن .


مقال البداية
في مقال بجريدة صوت الأمة كتب الشاعر عبدالرحمن يوسف تحت عنوان "البرادعي رئيسا،لماذا؟ و كيف؟" مؤيدا لخطوة البرادعي بشدة و أورد عشرة أسباب تجعل البرادعي-في نظره-رئيسا للجمهورية لمرحلة انتقالية كما سماها عبدالرحمن يوسف.منها أنه خبير في العلاقات الدولية و ادار العديد من المعارك الدبلوماسية شديدة الحساسية بحكم منصبه كرئيس لوكالة الطاقة النووية فلا حديث هنا عن قلة خبرة الرجل السياسية.الحقيقة ان هذا الكلام قد يكون في مهام دبلوماسية تحتاج دور "المحلل" كما هو الدور الغالب للوكالة الدولية( و هو ما يتم تحميله أكبر من حجمه حين توجه الانتقادات له و لمن يديروه و على رأسهم البرادعي بأنهم من الأسباب التي ادت لاحتلال العراق) لكننا لا نعرف أية مواقف واضحة للبرادعي من أي من القوى العظمى أو الإقليمية انطلاقا من كونه مصري لا يستبعد ترشيحه للرئاسة لا من كونه رئيس لوكالة الطاقة النووية فمثلا نحن نعرف موقفه من إيران بحكم منصبه لكن ماذا عن العلاقة من موقع رئيس مصر؟ ماذا عن المنافسة و مناطق النفوذ؟ إن هذا السبب الذي يعده كاتب المقال ميزة ثامنة بينما أعده إبهاما يحتاج لتوضيح فعلى الأقل نحتاج معرفة مواقف الرجل و خططه المستقبلية و تصوره لسياسة مصر الخارجية بدلا من الحديث عن أننا لا يجب أن نخشى على الرجل لأنه يعمل في السياسة منذ فترة طويلة! كما أن رضا الدول الكبرى عنه كرئيس لوكالة الطاقة النووية لا يجعلهم يرضون عنه كرئيس للجمهورية إلا إذا كان سيقدم تنازلات اكثر من التنازلات المؤلمة التي يقدمها النظام المصري بسخاء.

كذلك الحديث عن أن البرادعي في الوسط بين جميع التيارات فهو نتيجة غموض البرادعي أو عدم خوض البرادعي في الشأن الداخلي المصري أو في القضايا التي تخص المصريين بالصورة التي تجعلنا نعرف فكره بدقة و هذا للأسف ما يعده عبدالرحمن يوسف ميزة خامسة لترشيح البرادعي! قد أتفهم الكلام عن أن الرجل لم تورط في أي من خطايا النظام الحالي لكن أن يكون مغيبا كذلك عن أدق تفاصيل الواقع المصري فهو أمر يُعد نقصا فادحا و ليست ميزة نفرح بها فحديثه البسيط عن التعليم في برنامج العاشرة مساء رفض البرادعي فكرة مجانية التعليم الجامعي و أراد أن يكون الأمر مثل جامات الخارج بطلب قرض أو خلافه للتعليم حتى تستطيع الجامعات أن تنهض و تقوم بدورها و بغض النظر عن اتفاقنا و اختلافنا مع هذا الكلام،هل يعرف الشعب المؤيدون منهم و المعارضون هذا؟
هل ناقشوا هذا؟

إلى جانب تأكيد الكاتب على أن البرادعي رجل معروف و تم تلميعه إعلاميا بسبب حصوله على جايزة نوبل مما يجعله عصيا على التشويه الإعلامي من جهة و قريبا من الشعب متجاوزا التقيد بكونه قريبا من النخب فقط.
هنا اريد أن أسأل،إذا سلمنا بالفعل أن البرادعي رجل معروف للجميع فبأي شهرة؟
أنه رجل حاصل على جائزة نوبل و للمفارقة أن الكثير من الشعب الذي يقول عبدالرحمن يوسف أنه قريب من البرادعي يظن أن البرادعي عالم ذرة مرموق! غير عالمين أن البرادعي تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة في عام 1962. وبدأ عمله في وزارة الخارجية المصرية في عام 1964 في (إدارة الهيئات) التابعة للوزارة التي كان يديرها آنذاك إسماعيل فهمي. وقد تدرج البرادعي في المناصب لنجاحه كقانوني ودبلوماسي متعقل، ونيله ثقة مدير (إدارة الهيئات) بالخارجية، حتى جاءته فرصة للالتحاق بالبعثة المصرية في نيويورك. فانتهز الفرصة وسافر البرادعي مع البعثة المصرية إلى نيويورك، وبعد حصوله على الدكتوراه من الولايات المتحدة وعودته إلى مصر في عام 1974 عمل كمساعد لإسماعيل فهمي (وزير الخارجية آنذاك) و امتد بالرجل المشوار السياسي من العمل بالخارجية إلى المحافل الدولية حتى وصل غلى منصبه الأخير لكن بالرغم من هذا تجد الكثير من فئات الشعب يتحدثون عن أن العلماء لا يصلحون للرئاسة مثل زويل و ..البرادعي!ناهيك عن الأسباب غير المقنعة التي ساقها الكاتب من أن البرادعي مدني و أن سنه كبير فبالتالي لن يكون حريصا على البقاء في الحكم و ها نحن نرى مشروع التوريث يروج لرئيس مدني و امامنا مثال حي على تشبث الحكام كبار السن بالحكم!

تأييد إلكتروني
لم يقتصر الأمر على مقال الشاعر عبدالرحمن يوسف بل دشن العيد من أعضاء الفيس بوك و منهم عبدالرحمن يوسف بعض المجموعات التي تطالب بالدكتور البرادعي رئيسا للجمهورية وصل ببعضها أن كتبت في توصيفها :عفوا السيد محمد البرادعي "فان اختيارك لرئاسة مصر لا يعد شرفا يمكنك الاعتذار عنهبل يعتبر تكليفا من الشعب انه الطريقة الوحيدة لانقاذ مصر من الفوضى و الخراب ، واجب انقاذ الوطن لا توجد فيه خيارات اننا كمصريين نعلن تكليفنا للدكتور البرادعي بانقاذ مصر و الترشح للرئاسة 2011 تحت اي حزب مؤقتا حتى تعديل الدستور و الخروج من الازمة" و لم تختلف التعليقات على الفيس بوك في الغالب بين المؤيدين عن هذه المفردات. هناك مجموعة أخرى ربما الأكبر من عدد الأعضاء حتى الآن أسسها الشاعر عبدالرحمن يوسف ارادت الاصطفاف خلف البرادعي لكنها لم تستطع التخلص من الأجندة كاملة فنرى الحديث عن تقييم النظام الحالي و ملف التوريث دون كلمة واحدة عن رؤية الرجل و برنامجه و اهدافه ،فقط الاقتصار على تصريح البرادعي بعدم استبعاده للترشح مع وضع شرط تعجيزي لا أدري كيف يتم ضمانه كتابيا كما تعجب الأستاذ فهمي هويدي متحدثا عن اعتقاده بأن النظام سعيد جدا بترشيح البرداعي و سعيه لاستغلال هذا الأمر ليستكمل فيلم الانتخابات الرئاسية الهزيل. لكن تم وضع كل هذا الزخم من كشف حساب عمره أكثر من ربع قرن و ملف التوريث كرصيد لدعم البرادعي و تحفيز الشعب من أجل الالتفاف حوله كرئيس قادم لمصر سيعيد لنا الأمل او كما قال أحد المعلقين على الفيس بوك أن البرادعي سيدعم الديمقراطية و التعددية و الحرية التي يريدها الشعب.

السياسيون أيضا

السياسيون كذلك لم يفوتوا الفرصة فهناك اللجنة الشعبية في حزب الوفد لتأييد البرادعي التي رأت أن دخول البرادعي من بوابة الوفد يجعله يتخطى العديد من العقبات القانونية و بنت برنامجا لها-كما نقلت الدستور- على ثلاثة مراحل من تحفيز الشعب و حشد التأييد لاستخراج بطاقات انتخابية لهم انتهاء باستطلاعات رأي دورية لقياس شعبية البرادعي.و كما جاء في جريدة الشروق أن وكالة الأنباء الألمانية ذكرت في تقرير لها من القاهرة عن الاستعدادات لمبكرة للانتخابات الرئاسية أن قوى معارضة وحركات احتجاجية مصرية من بينها ائتلاف "مصريون من أجل التغيير" الذي يضم عددا من الشخصيات العامة ، والحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" بدأت في إقامة عدد من الدعاوى القضائية أمام محكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا للطعن بعدم دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يضع شروطا على ترشح المستقلين للانتخابات الرئاسية اعتبرتها المعارضة" تعجيزية"". كما نرى أن هناك سرادقا للتأييد تم بناؤه بسرعة و هو أمر يستحق التدبر و التأمل
(ملحوظة هذا المقال كتب منذ فترة لهذا قد لا تكون كل ردود الأفعال مذكورة هنا)



بانتظار المخلص
تشكل عقيدة المخلص في الوجدان الجمعي العربي ركنا أساسيا له قدسية لا يجرؤ أحد على لمسها،ربما السبب هو أن كتاب التاريخ في بلدنا كانوا يركزون في كتابة التاريخ من وجهة نظر السلطان فيقولون "سير السلطان عساكره إلى كذا" أو "نازل السلطان بجيشه العدو بظاهر كذا" فالسلطان و لا شيء غيره و هكذا كان كثير من مؤرخينا و شعاراؤنا الذين كانوا قضاة أو كتابا للسلطان من رجال البلاط يرون الأحداث و الخطوب من فوق عمامة السلطان فهو رجل قليل المزاح عظيم الهيبة وقور الطلعة تهرب من سيرته خيل الأعداء و يرغب في صداقته الأقوياء و يصير الطين في يديه جوهرا و يصير الشعب المستسلم المهزوم ، منتصرا ظافرا.أما العوام فرأوا الأحداث و الخطوب في أيام الظلم من بين شقوق الجدران و تعرجات الحواري ليخرج أدهم الشرقاوي و سلفه علي الزيبق لينتصروا للعوام المظلومين و يعملوا لصالحهم ضد الطغاة بالقوة الفردية تارة و بالحيلة و الذكاء تارة ، ليظهر بطل يجسد كل أحلام الخلاص،يبطش بيد من حديد بدل من الأيدي المرتجفة المذعورة و يصرخ بالحق بدلا من الأفواه المكممة و يقف بنفس أبية ضد الظلم بدلا من النفوس المكبلة المكسورة.إننا امام طغيان الروح الفردية و الشخصنة و الاختزال في رواية التاريخ الذي يُتخذ دائما منطلقا للرؤية إلى المستقبل.إن القرآن الكريم و صياغته أسوة و قدوة لنا في صياغة حياتنا فكان حديثه الغالب عن المؤمنين أمة و جماعة،كان الرسول (ص) ليس رجلا خارقا استطاع بمحض قدراته الشخصية أن يجعل من هؤلاء المؤمنين خلقا آخر،بل الله و الله فقط هو من أنعم عليهم في تأكيد لأهم مبدأ في الإسلام و هو الوحدانية فيقول تعالى:وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) ( الأنفال)
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } [ الرعد : من الآية 11] حتى حين تحدث الله سبحانه و تعالى عن حرب بني إسرائيل مع جيش جالوت بين ان من قاتل مع طالوت لم يكن من أجل طالوت لكن من أجل إيمانه بالله و صبره و احتسابه ، لم يحدثنا القرآن عن أن طالوت قتل نفرا من الأعداء أو أنه كان يجندل الأبطال بضربة سيف واحدة ، فقط أخبرنا جل شأنه:"{ ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله } [ البقرة : 250ـ 251]
هكذا كان القرآن في احترامه للعقل البشري و تبصرته بسنة الله التي لا تتبدل و لا تتغير و في زمن الهزيمة الذي نعيشه لم تعد السيرة الشعبية تحتاج لعشرات السنين حتى تكتمل الحكايات و تنضج و تمتزج مزيجا يصعب فصله و رده إلى أصله لتخرج لنا سيرة متكاملة تنفس عن الشعوب المقهورة تنفيس صافرة إناء الطهي،بل و منذ انتشار الصحافة و جلسات الحديث الدائم في السياسة و مجموعات الفيس البوك و المدونات لم يعد الأمر بحتاج إلا إلى نقر على الفأرة و لوحة المفاتيح و تصميم جرافيكي و حجج نصف مخبوزة لنجد أننا بصدد بعض الأبطال الملهمين و طوفان من المنيات يتمنى عودة المخلص من عالمه الغيبي أو من سردابه أو حتى من القبر ، فالبخور يملأ المكان و السرادق معد و الدراويش يهتفون أن طال الانتظار فاخرج يا من ستجعل طيننا جوهرا و ترابنا ذهبا لامعا.

بولوتيكا!
حين خرج هذا المصطلح الشعبي خرج في فترة حرجة مليئة بالشعارات و الهتاف،امتلأت برفع الصوت بالحقوق فوق أي صوت كأن الحديث عن الحق يعطي كل شيء مجانا،حين يكثر الصخب و يتطاير اللعاب و تتشنج الأيدي و تلوى الأعناق لتكون بديلا عن الحجة و و ربما يصل بالمتطرفين من المؤيدين أصحاب السرادق إلى جعل المخالفين في الرأي - الذين يؤمنون بالحاجة إلى شعب ملهم لا بطل ملهم ،يؤمنون بثقافة الحقوق قبل الواجبات- موافقين رغما عنهم على الفساد و الدكتاتورية أو أنهم انهزاميين و ربما خياليين أيضا لأنهم يرفضون فكرة البطل الملهم الذي يغير بظهوره كل شيء و يملأ وحده الأرض عدلا بعد أن مُلأت جورا ! من الحكايات الطريفة و المهمة في ذات الوقت ، تلك التي حكاها مالك بن نبي في إحدى مقالاته قائلا:"كانت جدتي تقص لي العديد من قصص جحا، و إني لأذكر إحداها لما أرى فيها من دلالة بإشارة واحدة،على المعنى النفسي و المنهجي الذي أريد إبرازه في هذه السطور.
فقد كان جحا ذات يوم من أيام الشتاء الباردة يدفئ يديه مع بعض رفاقه ، وبينما هو حول نار موقدة في كوخ من تلك الأكواخ المنتشرة في المرتفعات الجزائرية إذا بالنار بدأت تخمد لنفاد الحطب.قال الجماعة:هلم نذهب فنحتطب في الغابة.و هرع كل واحد إلى عدته و توجه إلى الغابة و كذلك فعل جحا،ثم رجع كل واحد بحزمة حطب إلا جحا فقد استبطأه رفاقه حين لم يعد و قالوا:هلم نر ما صنع الله بجحا.و اقتفى الرفاق أثر جحا في الغابة حتى وجدوه في ناحية و هو يلف حبله حول المئات أو الآلاف من الشجر.سألوه: ماذا تصنع يا جحا؟
أجاب بطلنا:ألا ترونني أريد أن أحمل كل شجر الغابة مرة زاحدة حتى لا نعود فنحتطب كل يوم؟
ذهل الرفاق إعجابا بجحا و إكبارا له،بل خجلوا أمام محاولة ضخمة كهذه،خجلوا إذا لم يأت كل واحد منهم إلا بحزمة،ثم تضرعوا إلى جحا كي يترك محاولته هذه إلى يوم آخر،لأن لديهم ما يكفيهم ذلك اليوم بما احتطبوا هم"

ان الحديث عن إصلاح مجتمعنا على مذهب جحا-رغم أني أعوذ هؤلاء من سوء نيته- بهذه الطريقة العاطفية هو امتداد لخطاب معارض بعيد عن الموضوعية و الدقة ، يزعم أنه يريد أن يأتي بآلاف من أشجار الأماني بحبل واحد.نحن لا نرى كلمة عن منهج أي بطل ملهم يتم طرحه أو فكره بينما قناديل السرادق تزداد توهجا. إن الخطاب السياسي الذي لا يخطئ هو الذي يعانق الضمير الشعبي و الفعل الشعبي ، هو الذي يقوم على أفكار مجردة يتم تعديلها ذاتيا تبعا لقواعد الشعب الذي يحتضنها -و هي قلما تخط لأنها علم- لا افكارا مجسدة في شخص تتحول و تتغير تبعا لإطارها المجسد و هي السمة الأساسية للسياسة العاطفية تجد مسوغاتها -كما يقول مالك بن نبي- من خسارتها لا من مكاسبها: فكلما تقطعت أنفاس الثور، و نزف دمه في حلبة الصراع،ازداد هجومه على المنديل الأحمر.إن العيون المشوشة و أصحاب الرغبات في الخلاص السريع السحري و هم يفكرون برؤوسهم المشجوجة من عصي الظلم تخفق صدورهم اللاهثة بدقات التسبيح من أجل ظهور المخلص الذي سيخرجهم من هذا الكابوس المزعج،إنه منهم و هم منه، سيعمل لصالحهم و في المقابل سيحبونه و يهتفون له و يتزاحمون حوله و يصيرون مريديه و دراويشه فقط لو يظهر...لو!

عقدة النقص
للأسف الشديد يشعر كثير من مؤيدي الإصلاح في بلدنا بعقدة نقص بالغة تجاه السياسيين خاصة المشهورين منهم.إنها ذات العقدة التي شعر بها الحطابون و هم يرون جحا يلف حبله حول الأشجار بينما هم ينظرون في أسف إلى حزمة الحطب الهزيلة في أيديهم..نحن امام حالة اختزال واضحة للوطن كله في ترشيح غير مؤكد للبرادعي كمثال على عقدة المخلص التي نعاني منها ، أرى أشخاصا لا أنكر عليهم حبهم للوطن و لا انتماءهم له لكن الخلاف هنا هو عن الوطن و للوطن،مع احترامي للأستاذ عبدالرحمن يوسف ، فهو حين تحدث في مقاله عن رئيس لفترة انتقالية لم اجد سوى تفويض لمستبد عادل ، حتى التعليقات على الفيس بوك لم تخرج عن كونها تفويضا للبرادعي بعمل كل شيء.إن القول بمؤسسات و فترة انتقالية و أهل الخبرة لا أساس له بالمرة،إذ لو أن هذه المؤسسات موجودة بالفعل و لها وزنها فهي من تستطيع ان تفرض رجلا بعينه و حينها لن نحتاج لأحد من المشاهير فما هو في وجهة نظر المؤيدين لـ"نية" البرادعي للترشح سيتغير؟ (و بالمناسبة هي نية مرتبطة بشرط تعجيزي لا يمكن ضمانه كتابيا كما تعجب الأستاذ فهمي هويدي في مقاله عن تصريح البرادعي)سيقولون انتخاب البرادعي و وصوله لسدة الحكم و السلطة فإذا نحن هنا نتحدث عن تفويض و عن مهدي سيملأ الأرض بمفرده عدلا كما مُلأت جورا.إنني اعلم أنهم يرون أنه هذا ما يمكن أن يفعلوه للوطن في هذ الصدد لكني اختلف كثيرا معهم.
اننا يجب الا نشعر بالنقص أبدا امام حزم الحطب الهزيلة التي في أيدينا من مجهودنا للإصلاح و التنمية و التوعية ،يجب ان نفخر بها و نعمل على تنميتها ، يجب ان نفخر بهذه الحزم لأنها ليست كلاما على شبكة افتراضية و ليست أمنيات هلامية أو قصورا في الهواء.إنها حزم جمعناها بأيدينا تلبية لنداء الواجبات لا نداء الحقوق ، احتطبناها بالعمل لا بالتفويض للبطل الملهم،هزيلة نعم،لكنها حقيقة و في أيدينا و تكبر يوما بعد يوم و هي ذات الحزم التي تحدث عنها البرادعي أنه يجب ان يقدم كل شخص للوطن ما يستطيع و هو الآن علمه و أعماله الخيرية و توعية المصريين بتصريحاته و أحاديثه.في النهاية كما قال هو نفسه نحن نجتهد و قد أكون مخطئا لكن لا بد أن نفكر معا و نجتهد معا مهما كان النقاش ساخنا او حادا.ختاما أكرر أنني لن أشعر بعقدة نقص تجاه جحا مهما لف حبله حول الأشجار،إن البلطة لا تزال في يدي و هأنذا احتطب و حين ألف حبلي حول الشجرة أكون مؤهلا لأن انتزعها من جذورها لا ليشعر من أمامي بالخجل أمام أمنيتي.ومن يدري؟ربما نقتلع الشجرة قريبا

التسميات: