الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

الحدود الأفغانية الباكستانية..خطوط على ورق


الحدود الأفغانية الباكستانية...خطوط على ورق

في عام 1893 قام الكولونيل البريطاني مورتيمر ديوراند برسم خط حدودي يحمل اسمه ، من أجل فصل الهند (التي كانت تضم الهند و باكستان و بنجلاديش آنذاك) عن أفغانستان المضطربة.

لكن هدف الكولونيل البريطاني لم يتحقق ، ففي الواقع لم تعترف أفغانستان بهذا الخط و اعتبرته باكستان -المثقلة بالاضطرابات-خطا لا يمس به .

أغلبية هنا و أقلية هناك:

قسم الخط البريطان جماعة البشتون الكبيرة إلى قسمين ؛ قسم يبلغ 12 مليون نسمة يمثلون أغلبية عرقية في أفغانستان و قسم يبلغ ضعف هذا الرقم ، لكنه لا يمثل سوى 15 % من السكان في باكستان.

و في منطق يغدو الولاء للقبيلة و العرق أساسيا صار الخط وهميا لا يمنع التنقل على جانبيه بين البشتون المتجانسين عرقيا و لغويا.

و بين كونه خطا وهميا أو خطا حدوديا تتضارب مصالح دول المنطقة ؛ مع البشتون أو ضدهم.

الرهان الديني

في حين يُنظر للحدود بين أفغانستان و باكستان على أنها منطقة اضطرابات من الدرجة الأولى ، إلا أن المنطقة يتم اعتبارها من بعض الأطراف الباكستانية منطقة عمق استراتيجي لدولتهم المهددة بنزاع أبدي مع الهند فيمكن للجيش الباكستاني أن يلجأ في الأوقات الحرجة إلى تلك المنطقة التي يلعب فيها الدين و القبيلة دورا هاما جدا ،لهذا يشير محللون إلى دعم باكستان للعناصر الدينية هناك لأن اللعب على الوتر الديني يصب في مصلحة باكستان ، بينما العامل القومي و الدعوة لتوحيد أرض البشتون سيؤدي في النهاية إلى اقتطاع قسم كبير من باكستان المضطربة و المهددة بالانقسام.لهذا توجه دائما اتهامات لباكستان في التخاذل في الحرب ضد جماعة حقاني في وزيرستان (التي يعتقد بدعمها بللملا عمر و تنظيم القاعدة) على عكس ما فعلته في وادي سوات من شن حرب موسعة ضد من تصفهم بالمتشددين.تؤثر هذه التقارير المتتباعة و منها تقرير نقله البيت الأبيض للكونجرس مما زاد في توتر العلاقة بين واشنطن و إسلام آباد.

الفيل المتربص

أما الهند –التي دعمت من قبل تحالف الشمال ضد طالبان- تعاون الحكومة الحالية و تشارك في مجهودات إعادة الإعمار في أفغانستان و تقوم بتدريب دبلوماسيين و ضباطا أفغان لتدعم وجود حكومة قوية موالية للمجتمع الدولي بإمكانها إثارة القلاقل بشأن الحدود مع باكستان –عدو الهند اللدود- و القيام باستئصال العناصر الإسلامية التي تعتبرها الهند يدا طولى لباكستان في المنطقة ، لذلك توجه اتهامت هندية لباكستان على خلفية الهجوم على القنصلية الهندية و العامل الهنود في أفغانستان التي صارت ساحة للحرب بالوكالة بين البلدين.

حديقة العمليات الخلفية

لكن الاهتمام بتلك المنطقة الحدودية لا يقتصر فحسب على دول المنطقة ، فالناتو ينظر لهذا باعتبارها الملجأ الأول للمتشددين خاصة تنظيم القاعدة و يُعتقد أنها الملجأ الذي فرت إليه فلول طالبان على خلفية الغزو الأمريكي في عام 2001 و أعادت تنظيم صفوفها مما يهدد نجاح مهمة القوات الدولية بشكل واضح.

لهذا قامت الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية بغارات جوية مكثفة على المطقة الحدودية بطائرات بدون طيار مما أدى إلى مقتل العديد من المدنيين مما ساهم في رفع أسهم طالبان باكستان و الأطراف المسلحة في المنطقة و يسهم في ضعف شعبية الحكومة الباكستانية.

لكن هذه الغارات لم تؤدي إلى نتائج ملموسة رغم نجاح تلك الغارات في اصطياد بعض المطلوبين كبيعة الله محسود زعيم طالبان باكستان السابق ، إلا أن مقاتلي طالبان و القاعدة يتحركون بحرية و يشنون هجماتهم بكثافة خاصة الاشتباكات الداشرة حاليا في ولاية كونر و قد صرح أحد قادة طالبان الميدانيين بأن الحركة نجحت في السيطرة على أحد القواعد الأمريكية.أما شبكة حقاني لازالت تتمتع بمركز قوي وسط أنباء عن محاولة التفاوض معها من قبل الحكومة الأفغانية.

كما أدت غارة من تلك الغارات إلى مقتل جنود باكستانيين مما يرجح أنه سبب إغلاق باكستان لمعبر طورخم نحو أسبوع رغم اعتذار الولايات المتحدة و الناتو.

شريان حياة

كذلك تعتبر الحدود الباكستانية الأفغانية شريان الحياة للناتو و الطريق الأهم لإمدادات القوات الدولية بعد فشلها في فتح خطوط إمدادات ذات أهمية في مناطق أخرى إلى أفغانستان لدعم عملياتها التي تتزايد يوما بعد يوم.

لهذا شهدت الحدود استهداف قوافل عدة للناتو و إحراقها على يد طالبان باكستان منها إحراق 54 سيارة صهريج نقل وقود الشهر الحالي وسط توقعات بالمزيد من الهجمات لطالبان باكستان.

جدير بالذكر أن شركات النقل تقول ان طالبان حولت قوافل الإمدادات إلى مصدر تمويل لها من خلال خطف السائقين و الحصول على فدية ضخمة و ابتزاز الأموال من الناقلات.

برميل بارود مشتعل أم مفتاح النصر؟

إن تزايد التوتر بين واشنطن و إسلام آباد على خلفية اتهامات أمريكية بعدم ضبط الحدود و التعجل في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض و نجاح طالبان في شن هجمات ناجحة على القوات الدولية ، يدفع تلك القوات إلى مزيد من العنف و التوسع في الغارات ، كذلك تصريح بعض القادة العسكريين عن حق الملاحقة للعناصر المسلحة التي تتسلل إلى باكستان يوحي إلى تصعيد في استخدام الحل العسكري و هو ينذر بمواجهة شرسة تزيد من متاعب القوات الدولية و تزيد باكستان المضطربة تمزقا خاصة حين يتم الترويج للعمليات العسكرية من منطلق عرقي بأن غير البشتون يقاتلون البشتون من أجل أمريكا و هو ما عبر عنه منذ فترة طويلة القاضي أحمد حسين زعيم الجماعة الإسلامية الباكستانية السابق.

لكن محللين آخرين يرون أن تلك المنطق الحدودية المضطربة قد تكون مفتاحا للسلام إذا ما اعتمدت القوات الدولية و الحكومة الباكستانية على عناصر معتدلة و زعامات قبلية ترى في تصاعد نفوذ الإسلاميين المسلحين انتقاصا من نفوذها ، جنبا إلى جنب مع توفير الخدمات الأساسية لسكان تلك المنطقة و استخدامهم كرأس حربة ضد طالبان و حلفائها و الاعتماد عليهم كقوة أساسية في ضبط الحدود مما يؤدي إلى حصار طالبان و يكلل مهمات القوات الدولية بالنجاح.

لكن التطورات الحالية لا تشير إلى تبني القوات الدولية لهذا المبدأ مما يبقي على الحدود بين أفغانستان و باكستان حدودا

ورقية ، لكن مشتعلة.

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية